الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: بداية العابد وكفاية الزاهد
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
.مقدمة المصنف: الحَمْدُ للَّهِ الذي فَقَّه في دينهِ مَنْ شَاءَ مِنَ العِبَادِ، وَوَفَّقَ أَهَلَ طَاعَتِهِ لِلْعِبَادَةِ والسَّدَادِ، والصَّلاَةُ والسلامُ على سيِّدنا مُحمدٍ الهَادِي إِلى طريقِ الرَّشَادِ، وعَلَى آله وأصحابهِ السَّادَةِ القَادَةِ الأَمْجَادِ، وعَلَى تَابِعيهم بإِحسانٍ صَلاَةً دَائِمَةً مُتَّصِلَة إِلى يَومِ المَعَادِ. أَمَّا بَعْد: فَقَد اسْتَخَرْتُ اللَّهَ في جَمْعِ مُخْتَصَر مُفيد، مُقْتَصِرًا فِيهِ عَلَى العِباداتِ تَرْغيباً للمُرِيدِ، وتقريباً لِلمُستفيدِ، في فِقْهِ الِإمامِ المُبَجَّلِ، أبي عبد الله أحمد بن مُحمَّد بن حَنْبَل، وَسَمَّيْتُهُ: "بِدَاية العَابِدِ وكِفَاية الزَاهِدِ"، ومِنَ اللَّهِ تعالى أرتجي له القبولَ والنفْع لكُل مَن اشتغلَ به مِنْ سائلٍ ومسؤول، إِنه أكْرَمُ مَأْمُول. .كتاب الطهارة: والمياه ثَلاَثَة: طَهورٌ، وطَاهِرٌ، ونَجِسٌ. فالطهورُ: هو الباقي على خِلْقتِهِ طَهُورٌ في نفسِهِ مُطهِّر لغيره، يَجُوزُ استعمالُهُ مطلقًا. والطاهرُ: ما تَغَيَّرَ كثير من لَوْنِهِ أو طَعْمِهِ أَوْ ريحِهِ بِطَاهِرِ، وهو طَاهِر في نفسه غيرُ مطهِّرِ لِغَيْرِهِ، يَجوزُ استعمَالُهُ في غَيْرِ رَفْعِ حَدَثِ وزَوَالِ خَبَثِ. والنَجسُ: ما تَغَيَّرَ بِنَجَاسَةٍ في غَيْرِ مَحَلِّ تطهير، ويَحْرُمُ استعمالُهُ مطلقًا إِلاَّ لضرورة. والكَثيرُ قُلَّتَانِ فَأَكْثَرَ، واليَسيرُ ما دونَهُمَا، وهما: مائةُ رطْلٍ وسبعةُ أرطالٍ وسُبُعُ رِطْلٍ بالدمشقي وما وافَقَهُ. وكلُّ إِنَاءٍ طَاهِرٍ يُبَاحُ اتخاذُهُ واستعمَالُهُ غَيْرَ ذَهبٍ وفضةٍ. .فَصْلٌ في الاستنجاء: ولا يَصِحُّ الاستجمَارُ إلاَّ بِطَاهِرٍ مُبَاحٍ يَابِسٍ مُنَقٍّ، فالإِنقاء بِحَجَرٍ ونحوِهِ أن يبقى أَثَرٌ لا يُزيلُهُ إِلاَّ الماءُ، وشُرِطَ لَهُ ثَلاثُ مَسْحَاتٍ فأكثرُ منقيةٍ، وعدمُ تعدي خارجٍ موضعَ العَادَةِ، وبماءٍ عَوْد المحلِّ كما كان، وَظَنُّهُ كافٍ. وَحَرُمَ بِرَوْثٍ وعَظْمٍ وطَعَامٍ ولَوْ لبهيمةٍ، ولا يَصِحُّ وضوء ولا تيمّم قبله. وَحَرُمَ لُبْثٌ فَوْقَ قَدْر حاجتِهِ، وتَغَوُّطُهُ بماءٍ وَبوْلُهُ، وَتَغَوُّطُهُ بِمَرْوَةٍ وبطريقٍ مَسْلوكٍ، وظِلٍّ نَافِع، وَتَحْتَ شَجَرَةٍ عليها ثَمَرٌ يُقصَد، واستِقْبَالُ قِبْلَةٍ واستِدْبارُها بفضاءٍ. .فَصْلٌ في السواك: ويُتَأَكَّدُ عندَ صَلاةٍ وقراءةٍ ووضوء، وانتباهٍ من نوم، وَدخولِ مَسْجدٍ وتغيُّرِ رائحةِ فَمٍ ونحوِهِ. وَسُنَّ بُدَاءَةٌ بالأَيْمنِ في سِوَاكٍ وطَهورٍ وشأنِهِ كُلِّهِ، وادِّهانٌ، واكتِحَالٌ، ونَظَرٌ في مِرْآة، وَتَطَيُّبٌ، واستحدادٌ، وَحَفَّتُ شَارِبٍ، وتَقْلِيمُ ظُفُرٍ، وَنَتْفُ إِبْطٍ. وَيَجِبُ ختانُ ذَكَرٍ وأنثَى عِنْدَ بُلوغٍ، وزمن صِغَرٍ أفضل. .فَصْلٌ في الوضوء: وشُروط الوضوء ثمانيةٌ: انقطاعُ ما يوجِبُهُ، والنِّيَّةُ، وهي شَرطٌ لكلِّ طهارةٍ شرعية غَيْرَ إزالةِ خبثٍ ونَحْوِهَا، والإِسلامُ، والعقلُ، والتمييزُ، والماءُ الطَّهورُ المُباحُ، وإِزالةُ ما يمنعُ وصولُهُ، والاستنجاءُ. وفروضُهُ ستة: غَسْلُ الوجه، ومنه فَمٌ وأَنْفٌ، وغَسْلُ اليَدين مع المِرْفَقَيْنِ، وَمَسْحُ الرأس كُلهِ ومنه الأذُنانِ، وغَسْلُ الرجلينِ معَ الكَعْبَيْنِ، وتَرتيبٌ، وموالاةٌ، ويسقطان مع غُسْلٍ. .فَصْلٌ في المسح على الخفين: لُبْسُهُمَا بَعْدَ كَمَالِ طَهَارةٍ بماءٍ، وسَتْرُهما لمحلِّ فَرْضٍ، وإمكانُ مشي بِهِمَا عُرْفاً، وثبُوتِهِمَا بنفْسِهِما، وإباحَتِهِمَا، وطهارة عَيْنِهِمَا، وعدم وَصْفِهِمَا البشرةَ. فَيَمْسَحُ مُقيمٌ وعاصٍ بِسَفَرِهِ مِنْ حَدَثٍ بعد لُبْسٍ يوماً وليلة، ومُسَافِرٌ سَفَرَ قَصْرٍ لَم يَعْصِ به ثلاثة بلياليهنَّ، فلو مَسَحَ في سَفرٍ ثُمَّ أَقامَ، أَوفي حَضرٍ ثُمَّ سَافَرَ، أَوشكَّ في ابتداء المَسْحِ لَمْ يَزدْ على مَسْحِ مُقيمٍ. ويَجوزُ المَسْحُ على جَبِيرَةٍ إِن كانَ وَضَعَهَا على طَهَارةٍ ولم تجاوِز قَدْرَ الحَاجَةِ، وإِن جاوزَتْهُ أَوْ كان وَضَعَهَا عَلى غَيْرِ طَهَارَةٍ وَجَبَ نزعها، فإن خاف ضَرَراً تَيمَّمَ مع مَسْحِ موضوعةٍ على طَهَارة مجاوزةٍ مَحَل الحاجةِ. وإن ظَهَرَ بعضُ مَحَلِّ فَرْضٍ أو حَصَلَ ما يوجِبُ الغُسْل أَوْ انقضت المدة بطل الوضوء. .فَصْلٌ في نواقض الوضوء: خَارِجٌ مِنْ سَبِيلٍ مُطْلَقاً، وخُروجُ بَوْلٍ أَوْ غائِطٍ مِنْ باقي البَدَن قَلَّ أَو كَثُرَ أو غيْرِهِما كقيءٍ أَوْ دَمٍ إِن فَحُشَ في نفس كُلِّ أحدٍ بحسبِهِ، وزوالُ عَقْلٍ إِلا يَسيرَ نَوْمٍ مِنْ قائِمٍ أو جَالِسٍ، وغُسْلُ مَيْتٍ أَوْ بعضه، وأَكْلُ لَحْمِ إبلٍ، ولو نيئاً تَعَبداً، فَلاَ نقض ببقيةِ أجزائِها، وشُرْبُ لبنها ومَرَق لَحْمِهَا، وَمَسُّ فَرْجِ آدَمي مُتَّصل أَوْ حلْقة دُبُرِهِ ولو ميتاً بيده لاَ مَسُّ الخِصْيتينِ، ولا محل الفرج البائن، ولمسُ ذَكَر أَوْ أنثى الآخَرَ لِشَهْوَةٍ بِلاَ حائلٍ، وَلَوْ بِزَائِدٍ لزائِدٍ، والرِّدَّةُ، وكُلُّ ما أَوْجَبَ غُسْلاً أَوْ وضوءًا غَيْرَ مَوْتٍ؛ فإِنَه يُوجِبُ الغُسْل لا الوضوء، بل يُسَنُّ، ولا نَقْضَ بكَلامٍ مُحَرَّمٍ، ولا بإزالة شَعْرٍ وظُفُرٍ ونحوِهما، ومن شَكَّ في طَهَارةٍ أَوْ حَدَثٍ ولوْ في غيرِ صلاةٍ بنى على يَقِينِهِ. .فَصْلٌ في موجبات الغسل: انتقالُ مَنِّي، فلو أَحَسَّ بانتِقَالِهِ فَحَبَسَهُ فلم يَخْرج وَجَبَ الغُسْلُ، فَلَو اغتَسَلَ لَه ثُمَّ خَرَجَ بِلاَ لَذَّةٍ لَمْ يُعِدْهُ، وخروجُهُ من مَخْرَجه ولَوْ دَماً، وتُعْتَبرُ لذةٌ في غير نائِمٍ ونحوه، وتغييبُ حَشَفَةٍ أَصْلِيَّةٍ أو قَدْرها في فَرْجٍ أَصْليٍّ ولو دُبُراً لبهيمةٍ أو مَيْتٍ مِمَّنْ يُجَامَعُ مثْلُهُ ولو نَائِماً، وإِسلامُ كَافِرٍ، وَلَوْ مُرْتَدّاً أَوْ لم يُوجَدْ مِنْه فِي كُفْرِهِ ما يُوجبه، وخروج حَيْضٍ، وخروج دَمِ نفَاس، فلا يَجِبُ بولادة عرت عنه، وموت تَعبّداً غَيْرَ شهيد معركة ومقتولٍ ظُلْماً. ومصلى العيدِ لا الجنائِزِ مَسْجِدٌ، وَيَحْرُمُ تكسُّبٌ بصنْعةٍ فيه. .فَصْلٌ في شروط الغسل: انقطاعُ ما يُوجِبُهُ، والنيَّةُ، والِإسلامُ، والعَقلُ، والتمييزُ، والماءُ الطهورُ المباحُ، وإِزالةُ ما يَمْنعُ وصولَهُ. وفَرْضُهُ أن يعمّ بالماءِ جميعَ بَدَنِهِ وداخلَ فَمِهِ وأنفِهِ حتَّى ما يظْهرُ منه فرج امرأةٍ عِنْدَ قعودِها لحاجتها، ويكفي الظَّنُّ في الِإسباغِ، ومن نوى غُسْلاً مَسنوناً أَوْ واجباً أَجْزَأَ عن الآخر. وكُرِهَ نَوْمُ جُنُبٍ بلا وضوء، ويُكْره بناءُ الحَمَّامِ وبيعُهُ وإِجارَتُهُ والقراءةُ فيه، والسَّلامُ لا الذِّكْرُ، ودخولُهُ بِسترةٍ مع أمنِ الوقُوعِ في مُحَرَّمٍ مباح، وإن خِيفَ كُرِه، وإن عَلِمَ أَوْ دخلتْهُ أنثى بلا عُذْرٍ حَرُمَ. .فَصْلٌ في التيمم: وشُروطُهُ ثلاثَةٌ: دخولُ وقتِ الصَّلاةِ، وتَعَذُرُ الماء لحبسهِ عنه ونحوِهِ أَوْ لِخَوْفِهِ بِطَلَبِهِ أَوْ استعماله ضَرَراً بِبَدَنِهِ أوْ مالِهِ أَوْ غيرِهِمَا، وَمَنْ وَجَدَ ماءً لا يَكْفي طَهَارَتَهُ استعمَلَهُ وجوباً ثُمَّ تَيَمَّمَ، وأن يكون بِتُرابٍ طَهورٍ مُباحٍ غَيْرِ مُحْتَرِقٍ له غُبارٌ يَعْلَقُ باليدِ، فإِن لَمْ يَجِد ذلك صلَّى الفَرضَ فقط على حَسَبِ حالِهِ، ولا يزيد في صلاته على مُجزئ، ولا إِعادة عليه. وفُرُوضُهُ: مَسْحُ وجهِهِ، وَيَدَيهِ إِلى كُوعَيْهِ، وتَرْتيبٌ، وموالاةٌ لِحَدَثٍ أصْغَر، وهي بقدرِ ما في وضوء، وتعيينُ نِيَّةِ استباحَةِ ما يتيمَّم لَهُ مِنْ حَدَثٍ أَوْ نجاسةٍ، فلا تكفي نية أحدهما عن الآخرِ، وإن نَوَاهُما أَجزأَ. ويُبطِلُهُ ما يُبْطِلُ الوضوء، وخُروجُ الوقْتِ، ووُجودُ الماءِ إِن تَيَمَّمَ لِفَقْدِهِ، وزَوالُ المُبيحِ لَهُ، وخَلْع ما يمسحُ عليه. .فَصْلٌ في الطهارة من الخبث: ولا تَطْهُرُ أَرْضٌ بشمسٍ وريحٍ وجَفَافٍ، ولا نجاسَة بنارٍ فَرَمادها نجِسٌ. وتَطْهُرُ خَمْرَةٌ انقلَبَتْ خَلاًّ بنفسها أَو بنقل لا لقصدِ التخليل، ودَنُّها مثلها، وإِن خفيت نجاسة غَسَلَ حئى يتيقنَ غسلها. .فَصْلٌ في النجاسات: ويُعْفَى عن يسير طين شارعٍ عُرْفاً، إِن عُلِمَتْ نجاستُهُ وإلَّا فهو طَاهِرٌ. ولا يُكْرَهُ سؤرُ حيوان طاهر، وهو فضلةُ طعامه وشرابه غير دجاجةٍ مخلاة وفأرٍ، ولو أَكَلَ هِرٌّ ونحوه أَوْ طِفْلٌ نجاسة ثُمَّ شَرِبَ ولو قبلَ أن يغيبَ من ماءٍ يَسِير فَطَهورٌ. .فَصْلٌ في الحيض: والحَامِلُ لا تحيض. وَأَقلُّهُ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ، وأَكثرهُ خَمسَةَ عَشَرَ يَوْماً، وغالِبهُ سِتٌّ أَوْ سَبْعٌ. وأَقلُّ الطهْرِ بَيْنَ الحَيْضَتينِ ثلاثة عشر يوماً، وغالبه بقية الشَّهْرِ، ولا حَدَّ لأكْثَرِهِ. ويَحرمُ عليها فِعْلُ صلاةٍ، ولا تَقْضِيها، وفِعْلُ صَوْمٍ وتقضيه، وَوطْؤها في فَرْجٍ، ويجبُ فيه دينارٌ أو نِصْفُهُ كَفَّارةً، وتباح المباشرةُ فيما دونه. والنفاسُ لا حَدَّ لأقلِّهِ، وأكثرُهُ أربعون يَوْماً، ويثبُتُ حكمُهُ بوضْعِ ما يتبينُ فيه خلْقُ الِإنسانِ، والنَّقَاءُ زمنُهُ طُهْرٌ، ويُكرَهُ الوطْءُ فيه وهو كَحَيْضٍ في أحكامِهِ غيرَ عِدَّةٍ وبلوغ. .كتاب الصّلاة: .فَصْلٌ في الأذان: ويُسَنَّانِ لمنفردٍ وسفرا، ولا يصحّان إِلاَّ مرتَّبَيْنِ مُتوالِيَيْنِ عُرْفاً، بنيةٍ من ذكر مسلم عَاقِلٍ مُمَيِّزٍ ناطِقٍ عَدْلٍ ولو ظَاهِراً، بَعْدَ دخولِ وقتٍ لغيرِ فَجْرٍ. ويَصِحُّ له بعد نصف الليل، وهو خَمْسَ عَشْرَةَ كَلِمَةً، بلا تَرجيعٍ، وهي إِحدى عشرة بلا تثنيةٍ، ويُبَاحُ ترجيعُهُ وتَثْنِيَتُها. وَحَرُمَ خُروجٌ مِنْ مَسْجِدٍ بعده بلا عُذْرٍ أَوْ نية رجوع. وسُنَّ أذانٌ في يمينِ أُذني مَوْلُودٍ حيث يولدُ، وإِقامةٌ في اليُسْرَى. .فَصْلٌ في شروط صحة الصلاة: طَهارة الحَدَثِ، ودُخولُ الوقت، وسَتْرُ العورَةِ، واجتنابُ النجاسةِ، واستقبال القِبلةِ، والنِّيَّةُ، ومَحَلُّهَا القلبُ، وحَقيقتُها: العزمُ على الشيءِ، ولا تسقط بحالٍ. وشرطُها الِإسلامُ، والعَقْلُ، والتمييزُ، وزَمَنُها أول العبادة أَوْ قبيلها بيسيرٍ. وأركان الصَّلاَةِ أَربَعَةَ عشر: قيامٌ في فَرْضٍ، وتكبيرةُ الإِحرام، وقِراءةُ الفَاتِحَةِ، وركوعٌ، وَرَفْعٌ مِنْهُ، واعتدال، وسجودٌ، ورَفْعٌ مِنْهُ، وجُلُوسٌ بين السَّجْدَتَيْنِ، وطمأنينة في فِعْلٍ، وهي السُّكونُ وإِن قَلَّ، وتَشَهُّدٌ أَخِير، وجُلوس له، وللتَّسْلِيمَتَيْنِ والرُّكْنُ منه: "اللَّهُمَ صَلِّ على مُحمدٍ" بعدما يُجْزئ من التَّشَهُّد الأول، والمجزئ منه: "التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ، سلام عَلَيْكَ أَيُّها النَبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ، سلام علينا وعلى عبادِ الله الصالِحين، أَشْهَدُ أَنْ لا إِله إِلا اللهُ، وأَنْ مُحمداً رَسُولُ اللَّهِ "، والتَّسْلِيمَتانِ، والترتيبُ. وواجباتها ثمانية: تكبيرٌ لغيرِ الِإحرام، وتسميعٌ لِإمام ومنفرد، وتحميدٌ، وتسبيحة أُولى في ركوعٍ وسجودٍ، و "رَبِّ اغفر لي " بَيْنَ السجْدَتينِ للكلِّ، وتَشَهُّدٌ أول، وجَلوسٌ لَهُ. وسُنَنُها: أقوالٌ وأَفْعَالٌ لا تبطلُ بِتَرْكِ شَيْءٍ مِنْها مُطْلَقاً. فَسُنَنُ الأقوال إِحدى عَشْرَةَ: وهي: استفتاحٌ، وتَعَوُّذٌ، وَبَسْمَلَةٌ، وقول: " آمين "، وقراءةُ سورةٍ في فجرٍ وجُمْعَةٍ وعيدٍ، وتَطَوُّع، وأولتي مغربٍ ورباعية، وجَهْرُ إِمامٍ بقراءةٍ، وقول غير مأمومٍ بعدَ التَّحميدِ: "مِلْءَ السَّماءِ، ومِلْءَ الأَرْضِ، ومِلْءَ ما شِئْتَ من شيء بعدُ" وما زادَ على مرة في تَسْبِيحٍ، وسؤال المغفرة، ودعاءٌ في تَشَهُّدٍ أخيرٍ، وقنوتٌ في وِتْرٍ. وسُنَن الأفعال مع الهيئات خَمْسٌ وأَربعون. ويُكْرَه للمصلي التفاتٌ، وتغميضُ عينيه، ومَسُّ الحصى، ونحو ذلك. .فَصْلٌ في سجود السهو: وتبطلُ الصَّلاة بِتَعَمُّدِ تَرْكِ سُجود السَّهْوِ الواجب الذي مَحَلَّهُ قَبْلَ السَّلام، وإِن نَهَضَ المُصلِّي عَنْ تَرْكِ تَشَهُّدٍ أَوْ ناسياً لَزِمَهُ الرجوع لِيَتَشَهَّد، وكُرِه إِن استَتَمَّ قائِماً، وحَرُم إِن شَرَعَ في القراءةِ، وبَطُلَتْ بالرجوعِ بَعْدَ الشّروعِ في القراءةِ صلاةُ غيرِ ناسٍ وجَاهِلٍ. وإِن أحْدَثَ أَوْ قهقهَ أوْ تنحْنَحَ بلا حَاجةٍ فَبَانَ حَرْفانِ بَطَلَتْ، لا إِن نامَ فَتَكلَّمَ أَوْ انتَحَبَ خشيةً أَوْ غلبه سُعَالٌ وعطاسٌ أَوْ تثاؤبٌ ونحوه. ويبني على اليَقينِ وهو الأقَلُّ من شَكَّ في رُكْنٍ أَوْ عدد ركعات، ولا أثرَ للشَكِّ بَعْدَ فَراغِها. .فَصْلٌ في صلاة التطوع: ووقتُهُ مَا بَيْنِ العشاءِ والفَجرِ، ويقْنُتُ فيه بَعْدَ الركُوع نَدْباً فيقول جَهْراً: «اللَهُمَّ إِنا نَسْتَعِينُكُ ونسْتهديكَ ونَسْتَغْفِرُكَ، ونتَوبُ إِليْكَ، ونؤمِنُ بِكَ، ونتَوَكلُ عَليْكَ، ونثني عَلَيْكَ الخَيْرَ كُلَّه، ونَشكُرُكَ ولا نكفُرُكَ، اللَّهُمَّ إِيَّاكَ نَعْبُدُ، ولكَ نصلي ونَسْجُدُ، وإِليْك نَسْعَى ونَحْفِد، نَرجو رحمتكَ ونخشى عَذَابكَ، إِن عَذَابكَ الجِدَّ بالكفّار مُلْحِقٌ». «اللَهُمَّ اهْدِنا فِيمَنْ هَدَيْتَ، وعَافِنَا فيْمَنْ عَافَيْتَ، وتَوَلَّنا فِيمَنْ تَوَلَّيْتَ، وَبَارِكْ لنا فِيما أَعْطَيْتَ، وقِنا شَرَّ ما قَضَيْتَ، إِنَّكَ تَقْضِي ولا يقضَى عَلَيْكَ، إنَّهُ لا يَذِلُّ مَنْ وَالَيْتَ، ولا يَعِزُّ مَنْ عَادَيْتَ، تَبَارَكْتَ رَبَّنَا وَتَعَالَيْتَ، اللهُمَ إِنَا نَعُوُذُ بِرِضَاكَ مِنْ سَخَطِكَ، وَبِعَفْوِكَ مِنْ عُقُوبَتِكَ، وَبِكَ مِنْكَ لا نُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْكَ، أَنْتَ كما أَثْنَيْتَ على نفْسِكَ». ثُمَّ يُصَلِّي على النبي - صلى الله عليه وسلم -، ويُؤَمِّنُ مَأْمُومٌ، ويُفْرِدُ مُنْفَردٌ الضَّمِيرَ، ثُمَّ يَمْسَحُ وَجْهَهُ بِيَدَيْهِ هنا وخَارِجَ الصلاَةِ. والرَّواتب المُؤكَّدةُ عَشْرٌ: رَكعتانِ قَبْلَ الظهْرِ، وَرَكعتانِ بَعْدَها، وَرَكعتانِ بَعْدَ المغْرِبِ، وَرَكْعتانِ بَعْدَ العِشَاءِ، وَرَكْعَتانِ قَبْلَ الفَجْرِ، وآكدُها الفجر، ثُمَّ المَغْرِبُ ثُمَّ سواء. والتراويحُ عشرونَ رَكْعةً برمضان جَماعةً، يُسَلِّمُ مِنْهُ كلّ ثنتين بنيَّة أَوَّل كُلِّ ركعتين، ووقتها بين سنة عشاءٍ وَوِتْر في مسجدٍ، وأَوَّلُ اللَّيل أَفضل، ويُوتِرُ بَعْدها في جَماعةٍ. .فَصْلٌ في صلاة الليل: وتُسَنُّ صَلاةُ الضُّحى غِبًّا، وأَقَلُّهَا رَكعَتان، وأَكثرُها ثَمانٍ، وَوَقْتُها من خُروجِ وَقْتِ النَّهي إِلى قُبَيْلِ الزّوالِ. وتُسَنُّ تَحِيَّةُ المَسْجِد، وسُنَّةُ الوضوءِ، وإِحياءُ ما بين العشائينِ، وهو منْ قيامِ اللَّيل. وتُسَنُّ صَلاةُ الاستِخارةِ وَلَوْ في خَيْرٍ، ويُبادرُ به بَعْدَهُ. وتُسَنُّ صَلاةُ الحاجة إِلى الله تعالى أَوْ إِلى آدمي. وتُسَنُّ صَلاةُ التَّوْبَةِ. ويُسَنُّ سُجُودُ تِلاوَةٍ مَعَ قصر فصل لقارئٍ ومُسْتَمِع. ويُسَنُّ سُجُودُ شُكْرٍ عِنْدَ تَجَدُّدِ نِعْمَةٍ أَو اندفاع نِقْمَةٍ. وأَوقاتُ النَّهْي خَمْسَةٌ: مِنْ طُلوع فَجْرٍ ثانٍ إِلى طُلوع الشَّمْسِ، ومِنْ صَلاة العَصْر إِلى الغروب، وَعِنْدَ طُلُوعِها إلى ارتفاعِها قَدْرَ رُمْح، وعِنْدَ قِيامِهَا حَتَّى تَزُول، وعِنْدَ غروبها حَتَى يَتِمَّ، فَيَحْرُمُ فيها ابتداءُ نَفْلٍ مُطْلَقاً، لا قضاءُ فرضٍ، وفِعْلُ رَكْعَتَي طوافٍ، وسنَّةُ فَجْرٍ أَدَاءً، وجَنَازَة بَعْدَ فَجْر وعَصْرٍ. .فَصْلٌ في صلاة الجماعة: وتَنْعَقِدُ باثنين في غَيْرِ جُمُعَةٍ وعيدٍ، ولو بأُنثى أَوْ عَبْدٍ لا بصبيٍّ في فَرْضٍ. وحَرُم أَنْ يؤُمَّ بِمَسْجِد لَهُ إِمامٌ رَاتِبٌ، فلا تَصِحُّ إِلاَّ مَعَ إِذْنِهِ وعَدَمِ كراهتِهِ، أَوْ تأَخره وضيق الوقت. وَمَنْ كَبَّرَ قَبْلَ تسليمَةِ الِإمام الأُولى أَدْركَ الجَمَاعَةِ، ومن أَدركَ الركوعَ أَدْرك الركْعَةَ. وسُنَّ دخولُهُ مع إِمامه كَيْفَ أَدْرَكهُ، وما أَدرك معه آخرها، وما يقضيه أَولها، ويَتَحَمَّلُ عن مأَمومٍ قراءةً، وسجود سهوٍ وتلاوةً، وسترةً ودعاءَ قنوت، وتَشَهُّدٌ أَول إذا سُبِق بِرَكْعَةٍ. والأَوْلى أَن يشرعَ في أَفعالها بعد إِمامٍ، فإِن وافقه فيها وفي سلامٍ كُرِهَ، وإِنْ سبقَهُ حَرُمَ، وإِنْ كَبَّرَ لِإحرام معه أَوْ قَبْلَ إتمامِهِ لم تنعقد، وإِنْ سَلَّمَ قبله عَمْداً بلا عُذْرٍ أَو سَهْواً ولم يُعِدْهُ بعده بَطَلَتْ. وسُنَّ لِإمام التَّخْفِيفُ مَعَ الِإتمام، وتطويلُ قراءةِ الأُولى عن الثَّانية، وانتظارُ داخل إِنْ لم يشق على مَأمومٍ. .فَصْلٌ في الإمامة: ولا تَصِحُّ إِمامة فَاسِقٍ مُطْلَقاً إِلا في جمعةٍ وعيدٍ تَعَذُّراً خَلْفَ غيره. وتَصِح خلفَ أَعمى أَصحّ، وأَقْلَفَ، وأَقْطَع يَدين، أَوْ رجلينِ أَوْ أَنْفٍ، وكثيرِ لَحنٍ لَمْ يخل المعنى، لا خلفَ أَخرسَ وكافِرٍ، ولا إِمامةُ عاجِزٍ عن شَرْطٍ أَوْ رُكْنٍ إِلا بمثلِهِ إِلاَّ الِإمامَ الراتب بمسجدٍ المرجوُّ زوالُ علتِهِ فيصلي جالساً، ويجلسون خلفه، وتَصِحُّ قياماً، ولا إِمامةُ امرأَةٍ وخنثى لرجال أَوْ خناثى، ولا مُمَيَّزٍ لِبَالِغٍ في فَرْضٍ، ولا إِمامةُ مُحْدِثٍ أَوْ نَجِسٍ يعلم ذلك؛ فإِن جهل هو ومأْمومٍ حَتَّى انقضتْ صحت لمأَموم، ولا إِمامة أُمِّيٍّ، وهو من لا يُحْسِنُ الفاتحةَ أَوْ يُدْغِمُ فيها ما لا يُدْغَمُ، أَوْ يَلْحَنُ لحناً يُحِيلُ المعنى عَجْزاً عن إِصلاحِهِ إلاَّ بمثلِهِ. وسُنَّ وقوفُ جَماعةٍ مُتَقَدِّماً عليهم، فإِن تَقَدَّمَهُ مَأْمومٌ ولو بإِحرام لَمْ تَصِحَّ صلاتُهُ، والاعتبار بمؤخر قدم، ويقف الواحد أَوْ الخُنْثَى عن يمينه وجوباً، والمرأَة خلفه ندْباً، ويجوز عن يمينه، ومَنْ صَلَّى عن يسارِه مع خلو يمينه، أَوْ ركعة مُنْفرداً لم تَصِحَّ صلاته، وإِذا جَمَعَهُما مَسْجِدٌ صَحَّت القدوةُ مُطْلَقاً بشرطِ العِلْم بانتقالاتِ الِإمام، وإِنْ لَمْ يجمعهُما شرط رُؤيَة الِإمام أَوْ مَنْ وراءَهُ ولَوْ في بَعْضِها. وكُرِهَ عُلُوُّ إِمامٍ على مأَمومٍ ذِراعاً فأَكْثَرَ لا عَكْسُهُ. وكُرِهَ حضور مَسْجِدٍ وجَمَاعَةٍ لمن أَكَلَ بَصَلاً أَوْ فِجْلاً ونحوه حَتَّى يذهب ريحه. .فَصْلٌ في الأعذار المسقطة لصلاة الجماعة: .فَصْلٌ في صلاة المريض: ولا تَسْقُطُ ما دام العقلُ ثابِتاً، فإِن قَدَرَ على قيامٍ أَوْ قعودٍ في أَثنائها انتقل إِليه وأَتمَّها. ولا تَصِحُّ مكتوبةٌ في سفينة قَاعِداً لقادرٍ على قيام، تَصِحُّ على راحلةٍ واقفةٍ أَوْ سائِرةٍ لِتَأَذٍّ بوحلٍ ومطر ونحوه، أَوْ لخوفِ انقطاع عن رُفْقَةٍ، أَوْ خوف على نفسه من نحو عدوٍ، أَوْ عَجْزِه عن ركوبٍ إِن نَزَلَ، وعليه الاستقبالُ وما يّقْدِرُ عليه، ويعتبر المقرُّ للأَعضاءِ السجودَ، فلو وَضَعَ جبهته على قُطْنٍ منفوشٍ أَوْ صلى في أرجوحته ولا ضرورة لَمْ تصحَّ. .فَصْلٌ في صلاة المسافر: ولا يُكْرَهُ إِتمامٌ، والقَصْرُ أَفضل، ولا يُعيدُ مَنْ قَصَرَ ثُمَّ رَجَعَ قبل استكمالِ المسافة. ومَنْ نَوى إِقامةً مُطْلقةً بمَوْضعٍ، أَوْ أَكثر مِنْ أَربعة أَيامٍ، أَوْ ائْتَمَّ بمقيم، أَتَمَّ، وإِنْ حُبِسَ ظُلْماً أَوْ بِمَطَرٍ أَوْ أَقام لحاجةٍ بلا نيَّة إِقامةٍ فَوْق أَربعةِ أَيام، ولا يدري متى تنقضي، قَصَرَ أَبَداً. .فَصْلٌ في الجمع بين الصلاتين: ويُجْمَعُ في ثمان حالاتٍ: بِسَفَرِ قصْرٍ، ومريض يَلْحقُهُ بتركِهِ مشقّةٌ، ومرضع لمشقّةِ كثْرة نَجَاسَةٍ، ومُسْتَحَاضَة ونحوها، وعاجز عن طهارةٍ أَو تيَمُّمٍ لِكُلِّ صَلاةٍ أَوْ عن مَعرفةِ وقتٍ كأَعمى ونحوه، أَوْ لعُذْرٍ أَوْ شُغْلٍ يُبيحُ تَرْكَ جُمُعَةٍ وجَماعةٍ. ويَخْتَصُّ بجواز جَمْعِ العِشائَيْنِ، -ولو صلَّى ببيتِهِ- ثلجٌ وبَرَدٌ وجَليدٌ، وَوَحلٌ وريحٌ شَدِيدةٌ بَارِدَةٌ، ومَطَرٌ يبُلُّ الثيابَ، وتُوجَدُ مَعَهُ مَشَقةٌ. والأَفْضَلُ فِعْلُ الأَرْفَق مِنْ تَقْديم جَمْعٍ أَو تأَخيرِهِ؛ فإِنِ استويا فتأَخيرٌ أَفْضَلُ. ويُشْتَرَطُ له تَرتيبٌ مُطْلَقاً، وَلِجَمْعٍ بِوَقْتِ أُولى نِيَةٌ عند إِحرامِهَا، وأَن لا يُفَرِّق بينهما إِلا بقدرِ إِقامةٍ ووضوء خفيف، فيبطلُ براتبة بينهما، ووجودُ العذر عند افتتاحِهما، وسلام الأُولى، واستمراره في غير جَمْع مَطَرٍ ونحوه إِلى فَراغِ الثانية، فَلَوْ أَحْرَمَ بالأُولى لِمَطَرٍ ثُمَّ انقَطَعَ فلم يعُد، فإِن حصل وحل لَمْ يبطل وإِلاَّ بطل، وإِن انقطع سفر بأُولى بطل الجمعُ والقصرُ فيتمها، وتَصِحُّ فَرْضاً، وبثانية بَطلا، ويتمها نَفْلاً. ويشترط لِجمْعٍ بوقت ثانيةٍ نِيَّتُهُ بوقت أُولى مَا لَمْ يَضِق عن فِعْلِها، وبقاءُ عذرٍ إِلى دخولِ وقت الثانية لا غير. ولا يشترطُ لصحةٍ اتحادُ إِمامٍ ومأْمُومٍ، فَلَوْ صلاهما خَلْفَ إِمامين، أَوْ خَلْفَ مَنْ لَمْ يَجْمَعْ، أَوْ إِحداهما مُنفَرِداً والأُخرى جَماعةً أَو بمأَمومِ الأولى وبآخر الثانية، أَو بمن لَمْ يَجْمَع، صَحَّ. .فَصْلٌ في صلاة الخوف: وسُنَّ لَهُ فيها حَمْلُ ما يَدْفَعُ به عن نفسه ولا يُثْقِلُهُ كسيفٍ وسكينٍ، وجَازَ لحاجة حمل نَجَسٍ، ولا يعيدُ. .فَصْل في صلاة الجمعة: ولا تَجِبُ على مَنْ يباح له القصر ولا عَبْدٍ ولا مُبَعَّضٍ ولا امرأَةٍ ولا خنثى، ومَنْ حَضَرَهَا أَجزأَته، ولَمْ تنعقد بِهِ، فلا يُحْسَبُ هو ولا مَنْ ليس مِنْ أَهلِ البلدِ مِن الأربعين، ولا تصِحُّ إِمامتهُم فيها. وشُرِطَ لصحتها أَربعة شُروطٍ - ليس منها إِذن الِإمامِ -: أَحدها: الوقْتُ، وهو مِنْ أَولِ وقتِ العيد إِلى آخِرِ وَقْتِ الظُّهْرِ، وتلْزَمُ بزوالٍ وبَعْدَه أَفضل. الثاني: استيطان أَربعينَ ولو بالِإمامِ. الثالِثُ: حضورهم، ولو كان فيهم خُرْسٌ أَوْ صُمٌ لا كلهم، فإِنْ نقصوا قبل إِتمامها استأَنفوا ظُهْراً. الرابعُ: تقدم خُطبتين بَدَلَ ركعتينِ مِنْ شرطهما خمسةُ أَشياءٍ: الوقتُ، والنَيَّةُ، ووقوعهما حَضَراً، وحُضُورُ الأربعين، وأَن يكونَ مِمن تَصِحُّ إِمامتُهُ فيها. وأَرْكَانُهُما سِتَّةٌ: حمدُ اللَّهِ، والصَّلاةُ على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وقراءةُ آية مِنْ كتاب الله، والوصيةُ بِتَقْوى الله، وموالاتُهُما مَعَ الصَّلاة، والجهر بحيث يسمعُ العددُ المُعْتَبر حيثُ لا مانع. ويُبْطِلُهَا كلامٌ مُحَرَّمٌ، ولو يسيراً، وهي بغيرِ العربيةِ كقراءة، فلا تَصِحُّ إِلا مع العجزِ غَيْرَ القراءةِ. وتُسَنُّ على مِنْبَرٍ أَوْ مَوْضِعٍ عَالٍ، وأَن يخْطُبَ قائماً مُعْتَمِداً على سَيْفٍ أَو عصا، وقَصْرهما، والثانية أَقْصَرُ، ورفعُ الصَّوْتِ بهما حَسَبَ الطَاقةِ، والدُّعَاءُ للمسلمين، ويُباحُ لِمُعَيّنٍ كالسُّلْطَانِ، ولا بأَسَ أَن يخطُبَ مِنْ صَحِيفَةٍ. وَيَحْرُمُ الكلامُ والِإمام يخْطُبُ، وهو منه بحيث يَسْمَعُهُ، ويباح إِذا سَكَتَ بَيْنَهُمَا أَوْ شَرَعَ في دُعَاءٍ. .فَصْلٌ في صفة صلاة الجمعة: وسُنَّ قِراءةُ سورة الكَهْفِ في يَوْمها، وكَثْرَةُ دُعَاءٍ، وصَلاَةٍ على النبي - صلى الله عليه وسلم -، ومَنْ دَخَلَ والِإمامُ يخطُبُ لَمْ يجلس حَتَّى يَرْكعَ ركعتين خفيفتينِ. .فَصلٌ في صلاة العيدين: وشروطُها: كالجُمُعَةِ ما عدا الخطبتين، فإِنْ لَمْ يُعْلَمْ بالعيد إِلاَّ بعد الزوالِ صلوا من الغَدِ قضاءً. وتُسَنَّ بصحراء قريبة عُرْفاً. وسُنَّ تكبيرُ مَأْمُومِ بعد صلاة الصُّبح على أَحسن هيئة ماشيًا، وتأَخرُ إِمامٍ إِلى وقتِ الصَّلاةِ، والتوسعَةُ على الأهلِ، والصدَقَةُ، ورجوعهُ في غير طريقِ غُدُوِّهِ. ويصليها ركعتين قَبْلَ الخُطبةِ، ويُكبر في الأُولى بَعْد الاستفتاح وقَبْلَ التعوذ ستاً، وفي الثانية قبل القراءة خمسًا، يرفعُ يديه مع كُلِّ تكبيرة ويقول: "اللهُ أَكْبَرُ كبيراً، والحمدُ للَّهِ كثيرًا، وسُبْحَانَ اللَّهِ بُكْرةً وأَصيلاً، وصلَّى اللَّهُ على مُحمَّدِ النبي وآلِهِ وسَلَّمَ تسليماً كثيراً"، وإِن أَحَبَّ قَالَ غَيْرَ ذلك. ولا يأَتي بذكرٍ بَعْدَ التكبيرة الآخرة فيهما، ثُمَّ يقرأُ الفاتحةَ ثُمَّ (سَبِّح) في الركعة الأُولى ثُمَّ (الغاشية) في الثانية، فإِذا سَلَّم خَطَبَ خطبتين، وأَحكامهما كخطبتي الجمعة حَتَّى في تحريم الكَلام حَالَ الخطبة. وسُنَّ أَن يستفتِحَ الأُولى بتسع تكبيرات نَسَقاً، والثانيةَ بسبع قائماً، يحثهم في الفِطْرِ على الصَّدَقَةِ ويبينُ لهم ما يُخْرجُونَ، ويُرَغِّبُهُم في الأَضحى في الأُضحيةِ، ويُبَينُ لهم حُكْمَها. والتكبيراتُ الزوائِدُ والذِّكر بينهما والخطبتان سنةٌ. وكُرِهَ تنفُّلٌ وقضاءُ فائتة قَبْلَ الصلاة بِمَوْضِعها وَبَعدها قُبيْلَ مفارقته. وسُنَّ لِمَنْ فاتتْهُ قضاؤها في يومها على صفتها. .فَصْلٌ في التكبير أيام العيدين: ولا يُسَنُّ عَقِبَ صَلاَةِ عيد في صفته شفْعًا: اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، لا إِلهَ إِلاَّ اللَّهُ واللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، ولِلَّهِ الحمد. ولاَ بأْسَ بقوله لغيره: تَقَبَّلَ اللَّهُ منَّا ومنك، ولا بالتعريف عشية ليلة عرفة بالأمصار. .فَصْلٌ في صلاة الكسوف: وسُنَّ تطويلُ سُورة وتَسبِيحٌ، وكونُ أُولى كُلٍّ أَطول، وتَصِحُّ كالنَّافِلَةِ، ولا يُصلَّى لآيةٍ غيرهِ كظلمَةٍ نهاراً، وضياءٍ ليلاً، ورِيحٍ شديدةٍ، وصواعق إِلاَّ لِزَلْزَلَةٍ دائِمةٍ. .فَصْلٌ في صلاة الاستسقاء: وصفَتُها وأَحكامُهَا كصلاةِ عيدٍ، وهي قَبْلَهَا جماعةً أَفْضَلُ، وإِذا أَرادَ الِإمامُ الخروجَ وَعَظَ النَاسِ وأَمرهم بالتوبةِ والخروجِ من المظالِم، وتَرْكِ التشاحُنِ، والصَّدَقةِ والصومِ، ولا يلزمانِ بأَمرِهِ، ويعدُهُم يَوْماً يخرجون فيه، ويَخْرجُ مُتَواضعاً مُتَخَشِّعاً مُتَذَلِّلاً مُتَضَرِّعاً متنظفاً لا مُتطيبًا، ومَعَهُ أَهْلُ الدِّين والصلاَحِ والشيوخُ. وسُنَّ خروجُ صَبيٍّ مُميِّزٍ، ويُبَاحُ خُروجُ أَطفالٍ، وبَهائمَ، فيصلي ثُمَّ يخْطُبُ خُطْبةً واحدةً يفتتحها بالتكبير كخطبة عيدٍ، ويُكْثِرُ فيها الاستغفارَ وقراءةَ الآيات التي فيها الأَمْرُ به. وسُنَّ وقوفٌ في أَوَّلِ المطر وتوضؤٌ واغتسالُ مِنْهُ وإِخراجُ رحلِهِ وثيابه ليصيبها، وإِنْ كَثُرَ حَتَى خِيفَ منه سُنَّ قوْلُ: "اللهُمَ حَواليْنا ولا عَلينا، اللَّهُمَّ على الظِّرابِ والآكامِ وبطونِ الأَوْدِيةِ ومنابتِ الشَجَرِ" {رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ} [البقرة: 286] الآية. وسُنَّ قَوْلُ: "مُطِرْنَا بِفَضْلِ اللَّهِ ورحمتِهِ ". |